رواية لمن القرار بقلم سهام صادق
ابتعد رسلان يلهث أنفاسه ينظر إليها كيف احتوت وجه جسار بين كفيها تسأله عما يؤلمه... غادر بخطوات مثقلة دون أن يلتف نحوهما فقد وصلت له الرساله بوضوح
ليه عملتي كده يا ملك
ابتعد جسار عنها يتحسس وجهه المكدوم
على فكرة أنا اللي استفيزته
عارفه يا جسار...أنت استاذ في الحكاية ديه
ورغم ألم وجه إلا إنه كان يضحك.. رمقته بحنق فتنحنح وعاد لجديته
عارفه يا ملك أنا
دلوقتي متأكد إنك بتحبي رسلان
طالعته في صمت فهي لم تعد تعرف ما معنى الحب..هي بالفعل ضائعة في دوامة لا تعرف لها نهاية
الإنسان مش بيوجع غير أكتر ناس بيحبهم
وابتعد عنها يزفر أنفاسه متنهدا
تعرفي أنا اكتشفت إني اتسرعت بجوازي من جيهان
اڼصدمت من عبارته... فمنذ أيام كان غارق في العشق لا يرى سواها
ساعات بنكون عايزين الشئ عشان نجربه مش أكتر.. نشوف هنلاقي إيه فيه...هل هنلاقي اللي يعجبني ويبسطنا ولا هيكون زيه زي غيره
صمت يسترد أنفاسه ثم عاد يطالع المكان حوله
الحب غير كده يا ملك.. الحب إحساس غريب بيخلي قلبك مهما حس إنه شبعان فهو لسا جعان
تاهت بنظراتها كانت ضائعة تسمعه وهي شارده
ملك أنا مش هقدر اسيبك هنا... المكان ميطمنش
على فكرة يا استاذ الحارة هنا فيها رجاله وانا اه قدامك
التف بجسده نحو ذلك الصوت لتقع عيناه على تلك الفتاة التي رأها صباحا... تقدمت بسمة منهم تطالعه بترفع
ملك وسط أهل حتتها يا باشا
رمقها جسار مستنكرا يطالع هيئتها الغير مهندمة
أنتي تعرفيها يا ملك
انتبهت ملك على سؤاله بعدما كانت شارده بينهم... نفضت عقلها تستجمع حالها
ديه بسمة بنت عمي حسني
قطب جسار حاجبيه يتذكر ذلك الرجل العجوز الذي كان يجلس معهم
اه... خلينا في المهم... مش هقدر اسيبك هنا
أنت يا أستاذ مسمعتش أنا قولت إيه
ضيق عينيه وقد تذكر وجودها الغير مرغوب ... فامتقع وجهه والتف نحوها يشير إليها بإصبعه
ممكن تسكتي
أرادت أن تتحدث ولكن صوت والدها وقد هتف باسمها للتو جعلها تغادر حانقه تتمتم بضيق
إنسان عديم الذوق
اتسعت عينين جسار ذهولا يرمق خطواتها وكاد أن يلفظ بعض العبارات الحانقة
جسار زي ما أنت شوفت أنا فعلا عايشه وسط أهلي وحبيت المكان
رضخ جسار في النهاية لرغبتها فهو يريدها أن تستعيد ذاتها كما أراد لحاله أن يفهم مشاعره نحوها فما جمعهم من قبل هو الإحتياج وهل ينبض القلب به طويلا
أصر أن يعطيها مفتاح إحدى الشقق الراقيه التي يملكها بديلا لها عن ذلك المكان
دلفت للصغيرين فوجدتهم كما تركتهم في غفوتهم... اقتربت منهما تقبل أقدامهم ومع مرور الوقت أصابها القلق فلما لم يعد رسلان لأخذهم
ونقطة واحده كان يدور فيها عقلها وللأسف قلبها هو من كان يتسأل
هل أصابه شئ
............
فتحت عينيها بعدما غادرت جنات الغرفة واغلقت الباب خلفها.. تقلبت فوق الفراش تقاوم ذلك الشعور الذي يخترقها.. تعالت أنفاسها وتسارعت دقات قلبها ورغما عنها كان قلبها يأخذها لعالم به سليم النجار
استيقظت بفزع تلهث أنفاسها بثقل تضع بيدها فوق قلبها غير مصدقة إنها حلمت به... حلمت به وهي بين ذراعيه... حلمت به في وضع لا تعرف كيف أخذها قلبها وعقلها إليه.. أسرعت في إلتقاط كأس الماء الموضوع جوار فراشها ترتشف منه
مش معقول أكون حلمت بيك كده..
عادت تلتقط أنفاسها تنظر حولها فالظلام كان يحاوط الغرفة
أكيد أنا حلمت بي عشان اللي عمله معايا النهاردة...سليم النجار راجل وحش وظالم اوعي تنسى ده يا فتون
خاطبت حالها لعلها تعيد لقلبها ثباته ولكن القلب كأنه كان متعطش لذلك الحدث وتلك الكلمات التي اخبرتها بها جنات... جنات التي لأول مره تمدح سليم النجار أمامها لكنها لو علمت إنه عرض عليها الزواج في البدايه مقابل خروجها لكان مديحها تحول لمقت و حقد
وها هو حديث جنات يأبى تركها تلك الليله مهما فعلت
بصراحه يا فتون لولا سليم النجار مكنتيش هتعرفي تخرجي منها... صحيح هو السبب في كل ده.. بس إن يكون موجود حد معاكي ياخد حقك.. شعور جميل
جنات التي عرفتها طيلة الثلاث سنوات والنصف لم تكن حالمية في أي شئ يخص الرجال... ولكن اليوم شعرت بمشاعر جنات نحو الموقف
اغمضت عينيها بقوة والمشاعر تزيد في إختراق فؤادها تهتف لحالها
أوعى تنسى إنه هو السبب يا فتون.. اوعي تنسى اللي عمله فيكي زمان
.........
صړخة مقهورة بعدما اقتربت منه تتوسل إليه
عملت كده عشان بحبك.. أنت عارف أنا بحبك اد إيه يا سليم
تعالت صوت ضحكاته رغما عنه وهو يرمقها بتفحص
بتحبيني...مش تقولي كدبه تانيه يا دينا ... ده أنتي لما عرفتي إني بعد الحاډثه ممكن متحركش تاني على رجلى وهكون عاجز روحتي اتجوزتي حامد اللي كان عدوك وجتيلي ارفعلك قضيه عشان تاخدي حقك وحق ابنك منه
لا يا سليم أنا اتجوزت حامد بعد ما أنت رجعت لشهيرة... إتجوزته عشان أكون قريبه منك... سليم أنا مش قادرة أنسى الليله اللي كانت بينا
شحبت ملامحها وهي ترى نظراته التي تحولت للۏحشية عندما ذكرته بتلك الليلة بعد ۏفاة جده ومغادرة فتون حياته.. جاءت إليه شقته أرادت أن تمنحه جسدها في لحظة ضعفه وحاجته ... وسليم القديم كان خير من يرحب بتلك الأمور حتى ينسى ضيقه وحزنه... كانت ليلتها هي الفاصل من حياته وتلك القذارة التي يعيش داخلها ولكنه سرعان ما كان يتجنب وقوعه معها في الطريق الذي أراد نهايته
دينا انا وانتي عارفين كويس محصلش حاجه بينا في الليله ديه كويس
كان ممكن يحصل يا سليم... بس انت اللي مدتنيش فرصه
واقتربت تحاول أن تفرض سحرها الذي اجادته وتجيده على الكثير من الرجال... ذكرته بتفاصيل كانت الشهوة وحدها من تحركه... امتقع وجهه نفورا وهو يسمعها مشمئزا من حاله ومنها
فتون خط أحمر يا دينا.... وانتي عارفة كويس ممكن اعمل إيه كويس
التف بجسده كي يغادر بعدما لم يعد يتمالك حاله بعدما ذكرته بنفسه القديمة... رجل عابث يترك شهوته من تحركه
وقعت عينيه على الصبي الصغير ذو التسعة أعوام ثم عاد ينظر إليها بإحتقار شديد وكأن الصغير يذكره بطفولته الغير سوية
...........
اندفع الحاج عبد الحميد داخل الشقة والڠضب يحتل معالم وجهه يطالع جنات التي وقفت مصډومة من هيئته وزيارته المفاجأة
فين فتون... بنتي تدخل الحبس من غير ما اعرف... أخص عليكي يا جنات يا بنتي... هي ديه أمانتي ليكي
تجمدت عينين جنات نحوه تبتلع لعابها بعدما جف حلقها فكيف علم بالأمر.. وقبل أن تبحث عن إجابة داخل عقلها كانت تأتيها الإجابه
جيت مع واحد معرفه من البلد يخلص شوية أمور ليه هنا ... قولت اجي اطمن عليكم.. الاقي المنطقة كلها بتتكلم عن بنتي.. يا فضحتك يا عبدالحميد. هتروح فين تاني
خرجت فتون من غرفتها بملامح منهكة وقد سقطت على مسمعها عبارات والدها الأخيرة... تعلقت عينيه بها واقترب منها
إحنا معدش لينا مكان هنا يا بنتي... البلد ديه مصايبها كتير وناسها قادرة
والقرار كان يضعه الحاج عبدالحميد دون رجوع ولكن عينيه ظلت عالقة بها وقد استندت نحو الجدار تكتم صوت شهقاتها
فاسرع إليها نادما على حديثه فيكفيها ما جانته قديما من