رواية لمن القرار بقلم سهام صادق
الثالث والستون
_ بقلم سهام صادق
الظلام وحده ما كان يحيطها لا تسمع إلا صوت صړاخها أشخاص يقتربون منها ولكن ملامحهم مبهمة ملامحهم بدأت تتضح شئ فشئ يميدون أيديهم إليها ينظرون لها كنظرة الذئب حين يريد إفتراس فريسته ونهشها بأسنانه.
خرجت صړختها بقوه تشق سكون المكان تنظر حولها في هلع فلم تكن إلا الجدران ما تحاوطها وتلك الأجهزة المعطلة المتراصة في الغرفة
ضمت جسدها بذراعيها تحملق في اللاشئ وصوت لهاثها يعلو وكأنها كانت تركض لأميال بعيدة.
طفرت الدموع من مقلتيها وقد عادت الليلة تخترق ذاكرتها تشعر بأنفاسه ولمساته مازالت عالقة بجسدها تلك الليلة التي سطرت معها نهاية لحلم بحثت عنه طويلا حلم رأته في عينين فتيات حارتها
الزواج كلمة كبرت معها منذ أن بدء من يماثلونها بالعمر يتزوجون لا شئ يخلصهم من قسۏة ما يعيشوه إلا به
أب ېصفع وشقيق يرى نفسه قد كبر وعليه تربية شقيقته وأم لا ترى إلا الزواج ستر وخلاص لحمل يزيد كل يوم على كاهلهم
مافيش حاجة هتخلصك من شړ فتحي غير الجواز يا بسمه
أمتى يجي ابن الحلال يا بنتي واطمن عليكي
شوفتي مهنيها إزاي ارتاحت من كل واحد بيتحكم فيها
عليها جسم.. لكن خلقه .. خليني في جسمها
تدافقت العبارات عائدة بها للحظات حفرت داخلها
ولكن أين هو الخلاص الذي اخبروها عنه في الزواج وأين هو الحب والحكايات التي تحاكوا عنها
سبحت في مرارة ذكرياتها وقد أضافت لها الأيام مرارة لا تظن إنها ستغادر حلقها يوما.
أشرق ضوء الصباح ليعلن عن بداية يوم جديد وعليها النهوض وترتيب حالها قبل أن يأتوا الموظفين ويكتشفون أمرها فهى بصعوبة تخفي أمر بقائها هنا
ومع تذكرها لأمر بقائها في تلك الغرفة جالت عيناها بالمكان في حسرة .. فلم يبحث عنها أحدا لقد صدقوا كذبتها..
.......
إزاي يا فندم هنرجع والمفروض نمضي على العقود
رمقها ثم عاد يركز أنظاره نحو هاتفه منتظرا تلك الرسالة التي سيبعثها له أحد معارفه حتى يؤكد له هل هي موجوده في مدينة الأسكندرية أم غادرتها
زفرة سيرين أنفاسها بيأس وهى تراه يصب اهتمامه نحو هاتفه تتسأل داخلها عن السبب الذي ظهر فجأة لهم حتى تنتهي رحلة عملهم فلا يوجد مشاكل بمشاريعهم ولو كان هناك مشاكل لكانت علمت بالأمر من زوج شقيقتها.
ازدادت دهشتها وهى ترى ملامحه تنبسط شيئا فشئ.. يزفر أنفاسه براحه.. هى لم تغادر المدينة ومازالت في عملها ولكن السؤال الذي مازال لا يعرف له جواب أين كانت تبيت ليلتها
أعذرني مستر جسار من سؤالي ليه قرارك جيه فجأة
طالعها جسار بنظرة خاطفة وسرعان ما كان يتحكم في ملامح وجهه
ظرف شخصي
بعبارات مختصرة منحها الجواب ينظر إليها بنظرة تحمل الثقة متسائلا
اقدر اعتمد عليكي يا سيرين
ازدردت سيرين لعابها تتحاشا النظر إليه تومئ برأسها مؤكده
له ثقته بها...
انا عارف إنك قد الثقة ديه
ارتفعت دقات قلبها في خزي مجرد كلمات منه ترفعها لأعلى تشعرها بأنه ينظر إليها كما تنظر له ولكن هناك حقيقة مؤلمة تؤرق مضجعها
إنه لأخرى.. أخرى رغم عدم التباعد والتوافق الذي تشعر به إلا إنها زوجته هو حق لها وهى حق له ..هذا الأمر يجعلها كارهة لنفسها
.....
رمقها وهى تتناول طعام فطورها دون شهية فتنهد بضيق وهو يراها تتحاشا النظر إليه والحديث معه
بيتهيألي إننا كبرنا على الخصام ده يا فتون
مضغت لقمتها ببطئ دون إهتمام فتعالت زفزات أنفاسه يحاول التحكم فيما صار يعيشه إنه اليوم تأكد إنه بالفعل يعيش حياة زوجية كاملة فما كان يعيشه من قبل ويحسده عليه الرجال ما كانت إلا رحلة قصيرة يمتع حاله فيها
يتذكر في أحدى زيجاته القديمة عندما لوت إحداهن شفتيها متذمرا تلومه لأنه تناسى تاريخ اول لقاء جمعهم.. كانت نهاية هذه الليلة الطلاق فهل جاء عليه الزمن بالفعل كما يخبره حازم ويشمت فيه كما كان يشمت به وبحالته المزاجية التي تختلف يوما عن يوم
فتون
هتف اسمها محاولا السيطرة على ذلك الشعور الذي يذكره بعهوده القديمة فأين هو سليم النجار... هل اربع سنوات غيرت منه
وتفتكري إحنا كده ممكن نحل أي مشكله بينا يا فتون ده شغل أطفال
ضاقت عيناها وهى تطالعه فهل أفعالها بالنسبه له تعد أفعال أطفال.. هو لا يشعر بما تشعر به وتعيشه يكفيها ذلك الشعور الذي تشعر به يوما بعد يوم
أنا طفله يا سليم
لم تشعر بحالها ولا بتلك القوة التي لطمت بها سطح الطاوله إلا عندما رأت إهتزاز الأطباق وتناثر بضعة قطرات من فنجان الشاي الخاص به
اه ده أكبر دليل إنك طفله يا فتون بيتهيألي أنك تعتذري عن عضويتك في الجمعيه لحد ما تنضجي وتعرفي
تحلي مشاكلك الأول
أنا يا سليم
ضاقت حدقتاه يسحب أنفاسه في عدة زفزات متتالية مشيحا عيناه عنها لعله يتمكن في السيطرة على غضبه فلا داعي ليغضب منها ويستمر هذا الجفاء
هكذا حاډث نفسه وهو يغمض عيناه يذكر نفسه.. إنه وعدها ذات يوم إنه سيراها بعينين الأب حين يغضب منها سيدللها كما يدلل خديجة أبنته
تذكر صغيرته وصباحهم معا في شوق قبل أن تعود شهيرة لرشدها وتطالب بها بمنطقها الجديد إنه سينجب غيرها من زوجته الصغيره ولكن هى لن تنجب ثانية حتى لو تزوجت بأخر فلم يعد العمر يسمح لها بالأنجاب فلما لا يكون منصفا مرة واحدة في حياته
قڈف كل ما يعتلي فؤاده من ضياع واقترب منها يضمها إليه دون المزيد من الأحاديث التي أصبحت لا تنتهي إلا بخلاف أكبر
أنا فعلا ضايع الفترة ديه يا فتون لكن الحاجه الوحيدة اللي متأكد منها إنك الست الوحيدة اللي حبيتها
ازداد من إحتضانه لها يغمض عيناه مسترخيا بذقنه فوق رأسها
عايزه تبعدي عني يا فتون
هزت رأسها بقلة حيله فحتى لو ابتعدت ستذهب للمنزل الذي يعيش فيه والديها من أمواله وستأكل من أمواله أين لها الخلاص وهى وأهلها يعيشون على ما يقدمه لهم
وتفتكري هتخلصي مني يا فتون
هذه المرة كانت هزت رأسها مختلفه فابتعدت عنه تمنحه الجواب
كل حاجه ملكك يا سليم حتى انا بقيت ملكك.. لكن شئ مملوك من غير فايدة
ارتسمت الصدمة فوق ملامحه ينظر إلى دموعها العالقة تحاول إستكمال حديثها تحاول إخباره إنها صارت تخشى عدم إنجابها منه..لم يدعها لتتحدث عن تلك النقطة التي باتت بالفعل تؤثر على حياتهم
جذبها نحوه يحتضنها هذه المرة بقوة يهمس لها بأن تتوقف عن الحديث وتثق به
أنا اللي اختارتك بنفسي يا فتون عملت الحيل عشان اتجوزك فأوعي تفتكري اقدر أسيبك في يوم..
الحفله الخاصه بالشركة واللي المفروض هتعرضي فيها فكرتك بعد يومين وشركة التنظيم لسا محطوش برنامج الحفله فإيه رأيك تيجي معايا الشركة وتشوفي هتحطي فقرتك أمتى ولا نسيتي يا هانم هدفك السامي اللي اخدتي عشانه الفلوس
ابتعدت عنه تطالعه بنظرات تحمل الدهشة فعن أي شركة يتحدث هو وعن أي دور يضعها به في عمله
مالك مستغربه كده ليه ولا أتراجع عن الفكره واسيبك في ذهولك
سليم هو أنت عايزني اقوم بالدور ده
علقت عيناه بالسيدة ألفت والتي تراجعت عائدة بأدراجها نحو المطبخ فليس هذا هو الوقت