رواية لمن القرار بقلم سهام صادق
عندنا هدف من حملتنا الترويجية
طالعته وهي ترسم فوق شفتيها ابتسامة لم تنفرج معها شفتيها إلا قليلا ثم وضعت أمامه الكتاب
أنا محتاجاك تنطق قدامي الكلمات لأن مهما بحاول اسمع واصحح لنفسي لساني بيخوني وبحس بحرج قدام زمايلي
خرج حديثها ببعض الحزن ولكن سرعان ما تذكرت مديح المحاضر الذي يدرس لها دورة الحاسوب
لكن أنا شاطرة في الكمبيوتر وبتعلم بسرعه أوي حتى إني عايزة اتعلم التصميم على الفوتوشوب
كانت سعيدة وهي تخبره إنها تحب هذا المجال رغم إنه سيكون بعيدا عن مجال دراستها
هيكون بعيد عن مجال دراستك يا بسمه لكن مش مهم أهم حاجة تحبي اللي بتعملي
وضاقت عيناه يفكر في شيئا ما ينظر إليها مبتسما
أتمنى إنك تحترفي المجال ده ووظيفتك عندي
تهللت أساريرها تنظر إليه غير مصدقة إنها تسمع منه هذا العرض ولكن سرعان ما أخذ يتلاشى حماسها تتذكر ذلك اليوم عندما أخبرها أنها لا تصلح للعمل معه
مالك يا بسمه شايفك كنت متحمسه أنت مش عايزه تشتغلي معايا
تسأل وهو يقترب منها يستعجب تحولها السريع.
حاولت نفض أفكارها تتحاشا النظر إليه ملتقطة أشيائها متجهة نحو الأريكة بعدما رأتها أكثر ملائمة لجلوسهم
إحنا بنتكلم عن حاجة قبل أوانها يا جسار بيه
وسرعان ما اردفت وهي تتخذ مكان جلوسها ومعها أشيائها
أنا شايفه إن المكان هنا أفضل
حاول تجاهل تلك الطريقة الرسمية التي تحادثه بها هو يعلم إنها تضع الحدود بينهم ملتزمة بأتفاقهم وهو أكثر من يرغب بذلك ولكن الأمر بات بالنسبة له رتيبا.
جلس جوارها يتخذ دور المعلم وسرعان ما وجدها تبتعد عنه قليلا حتى تضع مسافة بينهم فضاقت عيناه وقد استفزته فعلتها ولكنه تعمد أن لا يظهر غضبه من فعلتها التي لا تدل إلا على شيئا واحدا
هو لن ينظر لها بتلك النظرة التي يخص بها الرجال النساء حينا يريدهن.
أراد الضحك ولكنه خشى على مشاعرها وبمزاح تمتم حتى يزيل عنهم هذا التوتر ويركزوا فيما أتت من أجله
مش عارف هعرف أفيدك ولا لاء بس نحاول
بدأت الحصة كما سمتها هي وضحك هو على الأمر بقوة
نسميها الحصة الأولى يا ستي لكن اكيد هيكون في مقابل
وأنا موافقة
بتحدي أجابت وهي تبتسم متحمسة تراه يشير إليها أن تنطق ليصحح.
لن تنكر أنها رأت شخصية أخرى من جسار كان صبورا مشجعا لا يحرجها كعادته
على ما يبدو أن هذا الرجل لديه نسخة أخرى منه نفضت رأسها من أي تفكير يقودها لما لا ينتهي بالنفع وصبت كل تركيزها على أن تسمعه
أنا شايف إن كده كفاية يا بسمه متحاوليش تضغطي على نفسك طبيعي متتحسنيش في اللغة من مجرد شهر
لكن أنا عايزة أكون شاطرة زي زمايلي في المعهد
ضحك وهو يرى حاله يستمع لطفلة تغير من زملائها
اكيد هما في الأول كانوا زيك ومع الممارسة بقى في تحسن إيه رأيك نسمع سوا كل يوم أغنية أجنبية وهنا تقدري تحسني حتى الاستماع عندك
طالع حماسها وسعادتها بفكرته وكأنه أخبرها أنه سيأخذها لجولة ترفيهية
مش عارفة أشكرك إزاي اكيد مش هنسى في يوم إنك ساعدتني
غادرت غرفته بعدما جمعت اشيائها متحمسة تخبره إنها يوما لن تنكر معروفه حينا تصبح ذات شأن
معقول يا بسمة ده بس حلمك في وجودك معايا
هكذا تسأل لا يستوعب إنها لا تريد منه امتيازات أخرى ولا تسعى نحوه كما سعت جيهان طامعة في ماله.
.....
تسير مطرقة الرأس تخشى أن يراها أحدا ويعرفها ترتدي نظارة سوداء تغطي بها عيناها هكذا هي اختارت أن تعيش في عالمه أمرأة متخفية وكأنها عشيقة له.
طرقت الباب طرقة خافته ولم تتبعها طرقة أخرى لأنه كان يعلم هوية الطارق وينتظره بشوق.
علقت عيناه بها يسحبها للداخل يسحقها بين ذراعيه لا يصدق إنها أتت اليوم واتبعت قلبها بعد تلك الليلة التي أعادتهم لبعضهما وخسړت لأول مرة بحياتها أمام رجلا رجلا يصغرها ب خمسة عشرة عاما
ابتلعت مرارة ما تشعر في جوفها كما ابتلع هو تلك الآه التي خرجت منها وهو يعانق شفتيها بشفتيه
كنت خاېف متجيش يا خديجة كنت عايز أشوفك قبل سفرية الصين
حاولت مجيش لكن معرفتش
ابتسم مرغما فزوجته صريحة لأبعد حد يا لها من أمرأة جبارة لا تجعله يتلذذ بذلك الشعور الذي اختصته له وحده
ومعرفتيش تقاومي تمرد عقلك يا حببتي خلاص أنا بقيت مالك كل ذرة في كيانك
ابتعد عنها يحررها من قوة تلاحمهما بأنفاس مسلوبة هادرة علقت عيناها به فتعالت فوق شفتيه ابتسامة عابثة
زي ما أنت
بقيتي تملكي كل ذرة في كياني
وعاد لجذبها إليه يسحقها مجددا بين ذراعيه يخبرها بأنفاس هادرة إنه عاشق لها.
مجرد كلمات منه تجعلها تلقي بكل مخاوفها وصراعاتها خلف ظهرها
مبقتش عارفه أتخلص من حبك يا أمير
وهو كان لا يريد منها إلا سماع تلك العبارات عبارات تزيد من لوعة عشقه لهذه المرأة عبارات تثبت له أن ما يعيشه معها ليست نزوة عابرة سيفيق منها يوما بل إنها طوفان يغرقهما معا.
استجاب جسدها لكل لمسة منه ومع التقاط انفاسهم ضمھا إليه بقوة يحذرها من المغادرة قبل أن يغفو في سبات عميق وهي بين ذراعيه.
استدارت نحوه تسمح لعينيها حرية النظر إليه إنها حقا عالقة في حب هذا الرجل.
ارتخت اهدابها بعدما ارهقها التفكير..فكما هو لديه رحلة غد هي أيضا مثله تستعد لرحلتها عائدة للوطن لمدة لا تعرف كم سيكون عددها ولكنها بحاجة لتعيش وسط عائلة.
.....
توقف بسيارته في نفس المكان الذي اعتادوا على اللقاء فيه مكانا خصصوه لهروبهم والبوح فيه عن أحزانهم.
خرج من سيارته تلفحه برودة الهواء يتمنى لو استطاعت الوصول واخترقت قلبه لتبرد تلك النيران المشټعلة داخله.
وقف ساكن الحركة يطالع ظلمة الليل لقد اختار أشد الايام قتامة من أيام الشهر وقرر المجئ هنا إنه بحاجة لهذه العتمة ليرتاح عقله من ذكرى ليلة أخرى انضافت لتلك الليالي التي ظنها قد رحلت
للأسف المدام فقدت الجنين
خبر أخر كان يسقط على كاهله فقد طفله الذي ذاق معه معاني لم يعرفها من قبل وها هو يفقد ذلك الجنين الذي تمناه طويلا من المرأة التي أحبها.
ملك فقدت الطفل الذي لم يعلموا عن وجوده إلا هذه الليلة
أهتز جسده من صعقة المشاعر التي يشعر بها إنه يريد البكاء والصړاخ لكنه يتماسك يتماسك في صمت من أجلها واجل من حوله
الطبيب يغادر غرفة والدته وقد أسرعت شقيقته ملهوفة كحال والده نحو الطبيب
للأسف الجلطة أثرت على النطق
خرجت شهقة مؤلمة من شفتي ميادة التي استندت بجسدها نحو الجدار لا تستوعب صدمة أخرى تسقط فوق رؤوسهم هذه الليلة فلم يعد لديها قدرة لتتحمل
يعني هترجع تاني تتكلم يا دكتور
والطبيب يمسح فوق وجهه من شدة إرهاقه هذه الليله فالوقت اقترب من الرابعة فجرا وعليه المغادرة فقد انتهى دوامه منذ ساعات
دكتور رسلان يا سيادة الوزير اكيد فاهم أن الموضوع متوقف على الحالة النفسية اللي بتمر بيها المړيضة
فاق من شروده على تلك الإضاءة التي باتت قريبة منه ولم تكن إلا سيارة سليم اغمض عيناه للحظات مسترخيا يزفر أنفاسه لعله يطرد تلك اللحظات المريرة.
عارف إني اتأخرت